من مراكش، قصص عن ليلة رعب بين أزقة المدينة القديمة
بحي الملاح بالمدينة القديمة بمراكش، يقف عمر في الزقاق الضيق أمام باب بيته الخشبي، ويقول في حسرة، لم يبق لي من هذا البيت إلا هذا الرقم، ويشير إلى رقم 20 المعلق على باب بيته، عمر اليوم لا يستطيع ولوج البيت، لأنه مهدد بالانهيار في أية لحظة، بعد أن حوله الزلزال إلى كومة جدران مشققة تنتند إلى بعضها.
الكثير ممن قابلناهم هنا، حكوا لنا تفاصيل ليلة الجمعة، وكيف عاشها الناس لحظة تزلزل الأرض، في أحد دروب الملاح، اقترب منا أحد الشباب و على وجهه خدوش من أثر الزلزال، قال لنا أنه في تلك الليلة، ساد الرعب والهلع بالحي، وأن من نجوا من سقوط المنازل وجدران الطوب القديمة، اختنقوا بغبار الأنقاض.
عبد الحق استمر في وصف اللحظة قائلا: كان الجو مظلما، والأزقة ضيقة، والكل يجري محاولا النجاة، والرؤية شبه منعدمة، فحدثت تصادمات كثيرة بين الناس وسقط الكثيرون على الأرض، وبعضهم يصرخ “الزلزال، الزلزال”
داخل المدينة القديمة كان برنامج ترميم البيوت التاريخية جاريا على قدم وساق، لكن الكارثة كان لها رأي آخر، فتهدمت بعض تلك البيوت، وأصبحت كومة ركام، وأغلب البيوت هنا تعرف جدرانها تشققات خطيرة، تتم اليوم معاينتها من قبل خبراء، لاتخاذ القرار بشأنها، ومعرفة إن كانت قابلة للسكن بعد الإصلاح، أم أنها تستلزم الهدم وإعادة البناء
أهالي الحي المنكوبين يفترشون اليوم الأرض، غير بعيد عن باب الملاح، بينما تستمر عمليات نقلهم إلى مخيمات لإيوائهم في انتظار إعادة إسكانهم من جديد، بساحة القزادرية سمعنا المزيد من قصص الزلزال، أحد الناجين يحكي كيف قفز شخص من السطح على دراجة نارية متوقفة في الزقاق، قبل أن ينهار البيت من الداخل، ويبقى الجدار الخارجي وحده واقفا بالكاد
روح التضامن مع المنكوبين ملموسة هنا، مبادرات فردية وجماعية مستمرة في تقديم يد العون إلى هؤلاء على مدار الساعة، والحافلات المخصصة لنقلهم تتوالى على المكان لتحملهم بعد عمليات سريعة لإحصائهم.
جولتنا في حي الملاح أظهرت لنا حجم الدمار الذي خلفه الزلزال، ولمسنا خلالها الجهود المبذولة هنا لوقاية الناس من تساقط البيوت المهشمة، الكثير من الجذران تهاوت في الأزقة منذ ليلة الجمعة، والسلطات المحلية أغلقت بعض الأماكن أمام المارة، خوفا من حدوث انهيارات جديدة.
تعليقات( 0 )